السبت، 12 يناير 2013

مؤتمر القضايا المصيرية[1]


                 مؤتمر القضايا المصيرية[1]

(13-أ) البيان الختامى

ديباجة

عقدت قوى التجمع الوطني الديمقراطي مؤتمرا تاريخيا بمدينة اسمرا عاصمة دولة إريتريا تحت شعار مؤتمر القضايا المصيرية وذلك في الفترة من 15 إلى 23 يونيو 1995، وقد شاركت في المؤتمر كافة القيادات السياسية والنقابية والعسكرية والشخصـيات الوطنية المنضوية تحت لواء التجمع الوطني الديمقراطي وهي الحزب الاتحادي الديمقراطي، حزب الأمة، الحركة الشعبية / والجيش الشعبي لتحرير السودان، تجمع الأحزاب الأفريقية السودانية، الحزب الشيوعي السوداني، النقابات، القيادة الشرعية، مؤتمر البجة، قوات التحالف السودانية، وشخصيات وطنية مستقلة.

تداول المؤتمرون في
قضايا الوطن الأساسية والتي جاءت كما يلي : -
1-    إيقاف الحرب وإحلال السلام في السودان؛
أ-حق تقرير المصير؛
ب – علاقة الدين بالسياسة؛
ج- شكل الحكم خلال الفترة الانتقالية؛
2- برامج وآليات تصعيد النضال من أجل إسقاط نظام الجبهة الإسلامية القومية؛
3-ترتيبات ومهام الفترة الانتقالية؛
4- مقومات سودان المستقبل؛
5- هيكلة التجمع الوطني الديمقراطي؛
6- القضايا الإنسانية.
إن التجمع الوطني الديمقراطي يعقد مؤتمره في ظروف عصيبة وقاسية يعيشها شعب السودان من جراء تسلط الجبهة القومية الفاشية وسياساتها التي أهدرت كرامة المواطن السوداني ودمرت الاقتصاد الوطني وأساءت إلى علاقات السـودان الخارجية بتهديدها للأمن والاستقرار إقليميا ودوليا وبتصدير الإرهاب والفتنة لدول الجوار وللعديد من دول العالم، كما كشف النظام عن طبيعته العدوانية برفضه لكافة مبادرات السلام وتأجيجه لنيران الحرب الدائرة في جنوب بلادنا. وعليـه يؤكـد التجمع المضي في العمل الدؤوب بكافة وسائل المقاومة السياسية والعسكرية والشعبية.
وانطلاقا من مبادئ وأهداف التجمع الوطني الديمقراطي المعلنة وتتويجا لنضال شعبنا المتواصل ضد الدكتاتوريات المتعاقبة واستلهاما لتجاربه في تحقيق ودعم الوحدة الوطنية.
وإيمانا منه بتوحيد دعائم نظام ديمقراطي جديد قائم على التعددية السياسية واحترام حقوق الإنسان قرر المؤتمر :
أولا : إيقاف الحرب وإحلال السلام في السودان:
أ - حق تقرير المصير
1- تأكيد مبدأ حق تقرير المصير كحق أصيل وأساسي وديمقراطي للشعوب.
2- الاعتراف بان ممارسة حق تقرير المصير توفر حلا لإنهاء الحـرب الأهلية الدائرة، وتسهل استعادة وترسيخ الديمقراطية والسلام والتنمية.
3- أن يمارس هذا الحق في مناخ من الشرعية والديمقراطية وتحت إشراف إقليمي ودولي.
4- أن المناطق المتأثرة بالحرب هي جنوب السودان ومنطقة ابيي وجبال النوبة وجبال الانقسنا.
5- أن مواطني جنوب السودان ( بحدوده المعتمدة في 1 يناير 1956 ) لهم الحق في ممارسة حق تقرير المصير قبيل نهاية الفترة الانتقالية.

6- أن يتم استطلاع رأى سكان ابيي حول رغبتهم في الاستمرار في إطار الترتيبات الإدارية داخل جنوب كردفان أو الانضمام لبحر الغزال عبر استفتاء يتم خلال الفترة الانتقالية. وإذا ما أكد الاستفتاء أن رغبة الأغلبية من مواطني منطقة ابيي هي الانضمام لبحر الغزال فإنه يصبح من حقهم ممارسة حق تقرير المصير كجزء من مواطني جنوب السودان.

7- فيما يخص مواطني جبال النوبة وجبال الانقسنا، يؤكد على المعالجة السياسية الهادفة إلى إزالة كافة المظالم القائمـة في هاتين المنطقتين على أن تنفـذ تلك المعالجة الحكومة الانتقالية، ويستتبع ذلك إجراء استفتاء يتم عبره التأكد من المستقبل السياسي والإداري خلال الفترة الانتقالية.
8- تأكيـد التزامه بتحقيق السـلام العادل والديمقـراطي والوحـدة القائمـة على الإرادة الحـرة للشعب السوداني وحل النزاع المسلح الحالي بالوسائل السلمية مـن خلال تسوية عادلة وناجزة. وفي هذا الصدد يؤكـد قبوله لإعلان المبادئ الذي أقرته مجموعة دول الإيقاد ويرى في هذا الإعلان أساسا عمليا ومعقولا لتحقيق السلام الدائم والعادل.
9- تأكيد أن السلام الحقيقي في السودان يستحيل رؤيته في إطار مشكلة الجنوب وإنما من خلال إدراك الجذور القومية للمشكلة.
 10- التأمين على أن قضايا السودان الوطنية لا يمكن حلها إلا عبر طريق حوار صريح، جاد ومستمر بين كل المجموعات الوطنيـة السـودانية وعلى أن طبيعـة وتاريخ النزاع السوداني قد برهن على أن السلام العـادل والاستقرار في البلاد لا يمكـن تحقيقهما عن طريق حل عسكري.
11- أكد المؤتمر أن على قوى التجمع الوطني الديمقراطي أن تعمل بجدية من اجل اتخاذ موقف موحد من الخيارين اللذين سيطرحان على الاستفتاء وهما : -
أ. الوحدة ( فيدرالية / كونفدرالية ) و ب. الاستقلال
12- أن تعمل سلطة التجمع الوطني الديمقراطي، خلال الفترة الانتقالية، على بناء الثقة وإعادة صياغة الدولة السودانية حتى تأتى ممارسة حق تقرير المصير دعما لخيار الوحدة.
وإذ يقر التجمع بأن حق تقرير المصير حق إنساني وديمقراطي وحق للشعوب فهو كذلك آلية لوضع نهاية فورية للحرب الأهلية وفرصة تاريخية متفردة لبناء سودان جديد يؤسس على العدالة والديمقراطية والإرادة الحرة. ويلتزم التجمع بقيادة الشعب السوداني ليمارس هذا الحق التاريخي بنجاح.

ب- الدين والسياسة في السودان

1. إن كل المبادئ والمعايير المعنية بحقوق الإنسان والمضمنة في المواثيق والعهود الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان تشكل جزءا لا يتجزأ من دستور السودان وأي قانون أو مرسوم أو قرار أو إجراء مخالف لذلك يعتبر باطلا وغير دستوري.
2. يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيسا على حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو الثقافة ويبطل أي قانون يصدر مخالفا لذلك ويعتبر غير دستوري.
3. لا يجوز لأي حزب سياسي أن يؤسس على أساس ديني.
4. تعترف الدولة وتحترم تعدد الأديان وكريم المعتقدات وتلزم نفسها بالعمـل على تحقيق التعايش والتفاعل السلمي والمسـاواة والتسامح بين الأديان وكريم المعتقدات وتسمح بحرية الدعوة السلمية للأديان وتمنع الإكراه أو أي فعل أو إجراء يحرض على إثارة النعرات الدينية والكراهية العنصرية في أي مكان أو موقع في السودان.
5. يلتزم التجمع الوطني الديمقراطي بصيانة كرامة المرأة السودانية ويؤكد على دورها في الحركة الوطنية السودانية، ويعترف لها بالحقوق والواجبات المضمنة في المواثيق والعهود الدولية بما لا يتعارض مع الأديان.
6. تؤسس البرامج الإعلامية والتعليمية والثقافية القومية على الالتزام بمواثيق وعهود حقوق الإنسان الإقليمية والدولية.

ج- شكل الحكم

1- أن يحكم السودان خلال الفترة الانتقالية على أساس الحكم اللامركزي، ويحدد الدستور الانتقالي السلطات والصلاحيات وتوزيعها بين المركز والكيانات الإقليمية.
2- إعداد قانون للحكم اللامركزي.
3- أن يؤسس الحكم اللامركزي على توزيع السلطات والصلاحيات المتفق عليها بين المركز والكيانات الشمالية والكيان الجنوبي على أن يتم الاتفاق على المسمـيات في وقت لاحق.
4- أن يؤخذ في الاعتبار دور الحكم المحلي ووضع الإدارة الأهلية عند صياغة قانون الحكم اللامركزي.
5- أن يراعي في التقسيم الإداري الانتقالي الآتي:-
ا- إزالة المظالم وأسباب الحرب وتهيئة الظروف الملائمة لإعادة بناء وإعمار الوطن.
ب- تلمس رغبات أهل المناطق المختلفة وذلك في سياق تطور العملية الديمقراطية في البلاد.
6- أن يراعي في تنفيذ الحكم اللامركزي الـظروف الاقتصاديـة وسياسات التقشف بغرض تقليل النفقات مع ضرورة التركيز على تعبئة الجماهير وإتاحة الفرصة الكافية للمشاركة الشعبية في إطار ديمقراطية الحكم اللامركزي.
ثانيا : حول برامج وآليات تصعيد النضال لإسقاط النظام القائم.
1- مشروعية العمل المسلح الذي تقوم به فصائل التجمع الوطني الديمقراطي من اجل إسقاط النظام وفق الآليات التي اتفق عليها.
2- توفير الدعم اللازم.
3- تشكل لجنة سياسية عسكرية عليا تقوم بالتنسيق والإشراف عـلى تنفيذ برامج تصعيد النضال وإسقاط النظام.
ثالثا : حول الترتيبات العسكرية والأمنية للفترة الانتقالية: اقر المؤتمر كافة التوصيات التي تقدمت بها اللجنة الفنية المختصة.
رابعا : سودان المستقبل: لإرساء دعائم السودان الجديد اعتمد المؤتمر المشاريع الآتية: -
ا- البرنامج الاقتصادي للفترة الانتقالية.
ب- برنامج للسياسة الخارجية وسياسات التعاون الإقليمي والدولي.
ج- برنامج إزالة آثار نظام الجبهة الإسلامية.
د- قانون لتنظيم الأحزاب السياسية.
ه- ميثاق العمل النقابي.
و- قانون الصحافة والمطبوعات.
خامسا: القضايا الإنسانية:
فاقمت السياسـات الاقتصـادية الخاطئة للنظام وتصعيده للحرب الأهلية من ظواهر الهجرة الداخلية والنزوح وأوقعت أضرارا بالغة بالبيئة مما افرز وضعا مأساويا يعيش في ظله المواطن السوداني، خاصة المرأة. كمـا دفعت الحرب وعدم الاستقرار والاضطهاد السياسي وانتهاك حقوق الإنسان بأعداد كبيرة من خيرة أبناء الشعب للجوء خارج البلاد.
وتأكيدا لحرصه على سلامة أهل السودان وحرية حركتهم في الداخل والخارج، ونسبة للضرورة العاجلة لرعاية أبناء شعبنا من النازحين في الداخـل واللاجئين في الخارج، اقر المؤتمر برنامجا عمليا لإغاثة المـواطنين داخل البلاد، إبان الحكم الانتقالي، وتقديم الخدمات الضرورية للاجئين السودانيين خارج البلاد، وإزالة مـا لحق بحياة الضحايا والمنكوبين من المعاناة على المدى الآني والمستقبلي وفي تعاون لصيق مع المجتمع الدولي والإقليمي وبالتنسيق مع المؤسسات المعينة بهذا الأمر في داخل السودان.

سادسا : هيكلة التجمع وتعديل الميثاق

اقر المؤتمر الهيكل التنظيمي الجديد للتجمع الوطني الديمقراطي والذي يتكون من المؤتمر، هيئة القيادة المكتب التنفيذي والأمانة العامة، أمانات متخصصة ومراكز للفروع. كما اقر المؤتمر بعض التعديلات المقدمة على الميثاق التي رؤى أنها تواكب التطورات التي طرأت على الساحة السياسية.
(13-ب) ميثاق التجمع الوطني الديمقراطي (1995م)[2]
الديباجـة
استقراء لنضال شعبنا العظيم منذ فجر النضال الوطني ضد الاستعمار، واستلهاماً لانتصاراته على دكتاتوريتين عسكريتين في أكتوبر 1964 وفى مارس / أبريل 1985 نؤكد نحن قوى التجمع الوطني الديمقراطي الموقعين على هذا الميثاق أن الخيار الأوحد الذي ارتضاه شعبنا هو الخيار الديمقراطي القائم على سيادة الشعب، وعلى التعددية الحزبية والثقافية والمنظمات الفئوية وسيادة حكم القانون، وعلى كفالة الحريات الأساسية وصون حقوق الإنسان ورفض كل أشكال الدكتاتورية، مدنية كانت أم عسكرية.
ومع وضوح خيارها الديمقراطي ظلت بلادنا تعيش أزمة حكم عميقة وتدور في حلقة مفرغة، تبدأ بانتفاضة شعبية تفضي إلى حكم نيابي يطيح به انقلاب عسكري. وقد نتج هذا الواقع عن حقيقة أن هذا الخيار الديمقراطي لم يتمكن حتى الآن من التعبير عن نفسه في مؤسسات راسخة توطدّه وتحميه، وذلك لأن فترات الانتقال التي تعقب تفجير الثورات والانتفاضات لم تكن مهامها تنجز بشكل كامل، وذلك من حيث تصفية تركة الدكتاتوريات وترسيخ الديمقراطية وإرساء دعائم الدولة السودانية الحديثة، الذي يعنى عملياً كسر حلقة الأزمة في الممارسة السياسية السودانية.
منذ خروج الاستعمار وبلادنا تعيش أزمة سياسية عميقة تجسدت في الحرب الأهلية التي ظلت تستعر منذ أكثر من ربع قرن، وفى عدم الاستقرار السياسي المستمر الذي صحب كل الأنظمة المدنية والعسكرية المتعاقبة. ولهذا فلم يكن غريباً أن تفشل كل الحكومات التي توالت على دست الحكم في حل القضايا الأساسية لشعبنا وفتح آفاق التنمية والتطور أمامه، إذ لا سبيل للتطور دون استقرار ولا سبيل للاستقرار دون إجماع وطني شامل حول القضايا الأساسية.
إن الفشل في حل قضايا الشعب الأساسية وما صاحب ذلك من مظاهر فساد، مضافاً إلى استمرار الحرب الأهلية في جنوب البلاد لسنوات طويلة، والانقلابات العسكرية وما تمخض عنها من نظم دكتاتورية أعاقت التطور الديمقراطي وقهرت الإنسان السوداني، لابد أن تكون نتيجته الإحباط والأزمة المستعصية. ولا سبيل في نظرنا للخروج من هذه الأزمة إلا بمشاركة فاعلة لقوى التجمع الوطني الديمقراطي الثلاث وهى الأحزاب والنقابات والقوات النظامية في السلطة بمستوياتها التشريعية والسيادية والتنفيذية أثناء فترة الانتقال.
إضافة إلى ما تقدم فإن الانتكاسات التي صحبت الانتفاضات الشعبية في أكتوبر 64 و أبريل 85 كانت في جزء منها بسبب الغموض الذي شاب بعض بنود المواثيق أو التعميم المخل الذي خالط بعضها الآخر في غيبة أي تصور مشترك حول مناهج الأداء أو الاتفاق حول آلياته.
وبالرغم من هذا فقد شهدت الفترة التي أعقبت سقوط نظام مايو إطلالة فجر جديد للعمل الوطني الرشيد والهادف نحو بناء سودان جديد مستقر. فمن خلال الجهد المتصل والعمل المضني الذي شاركت فيه الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان مع مختلف القوى السياسية والنقابية طوال الفترة التي سبقت وتلك التي أعقبت انتفاضة أبريل 1985 أمكن الوصول إلى العديد من المبادئ التي يستهدى بها العمل الوطني المشترك لكيما يفضي بالسودان إلى بر الأمان. وعلى رأس تلك المبادئ خيار الحوار السلمي بدلاً من الاحتراب وتأكيد خيار التعددّية السياسية والثقافية والدينية بدلاً من الهيمنة، وخيار الديمقراطية بدلاً من حكم الفرد أو التسلط مدنياً كان أم عسكرياً .
وكان أعلى تعبيرين لهذا الوفاق السياسي هما اتفاق كوكادام والذي تم التوقيع عيه في 26 مارس 1986 ومبادرة السلام السودانية التي وقعت في 16 نوفمبر 1988. ولو قيض لتك الصيغة أن تمضى إلى نهايتها المنطقية لشق السودان منذ زمان طريقه نحو الاستقرار والسلم. إلا أن المناورات المتتالية وعلى رأسها مؤامرة الجبهة القومية الإسلامية لتخريب مساعي السلام قادت إلى استمرار الحرب والخراب وبالتالي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي والسياسي والإداري. وقد كانت تلك الجماعة منطقية مع نفسها وتوجهها في عرقلتها لمساعي السلام لأن تحقيق السلام الوفاقي، القائم على التسامح الفكري واحترام التنوع والتعدد، يتناقض مع منهجها الفاشي في فرض فكرها السياسي تحت ستار الدين، كما أنه سيقضى على وجودها كقوة سياسية عاجزة عن العمل في إطار نظام ديمقراطي تتعدّد فيه المنابر وتتنوع الرؤى السياسية وتتلاقح الأفكار.
إن انقلاب الثلاثين من يونيو 1989 جاء لوأد الديمقراطية وتعطيل مسيرة السلام، وإبطال البرنامج المرحلي. وهو يمثل خروجاً عن روح مذكرة القوات المسلحة المقدمة في فبراير 1989 وعلى إجماعها وقومية توجهاتها، بل لم يتورع عن تسخيرها لخدمة مصالح أقلية سياسية ضاقت ذرعاً بالديمقراطية بعد أن فشلت في تحرير مخططاتها من خلال المؤسسات الديمقراطية والدستورية.
هذه الأقلية السياسية التي نفذّت هذا الانقلاب هي الجبهة القومية الإسلامية، الحزب الفاشي المعزول الساعي لإقامة دولة دينية ظلامية معادية لإنجازات الشعب ومنافية لروح العصر ومقاصد الإسلام والأديان السماوية وكريم المعتقدات.
وقد أعلنت الحركة الشعبية والجيش الشعبي لتحرير السودان باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من القوي السياسية الوطنية المناهضة للتسلط العسكري موقفها ضد ذلك الانقلاب وتوجهاته منذ شهره الأول.
ومن هذا المنطلق رحبت الحركة بمولد التجمع الوطني الديمقراطي وأعلنت انضمامها له وتأييدها لمبادئه المضمنة في الميثاق الذي وقعت عليه أطرافه.
إننا في التجمع الوطني الديمقراطي نعلن أن هذا الانقلاب مرفوض من حيث المبدأ، من حيث الأهداف والتوجهات، ومن حيث الوسائل والغايات، ونعلن منها وبإرادة لا تعرف الخور وعزيمة لا تعرف التردد أننا سنقاومه حتى هزيمته واندحاره وسننزل العقاب الصارم والمستحق بكل أولئك الذين خططوا له ونفذوه ودعموه تنظيماً سياسياً كانوا أو أفراداً.
وإننا لمفعمون بالثقة أنّ شعبنا العظيم وبما توفر له من خبرة نادرة في منازلة الدكتاتورية ودحر الطغاة، قادر على إنزال هزيمة ماحقة بهذه السلطة، وقد شرع بالفعل في أداء هذه المهمة الجليلة. وإن وحدة قواه الأساسية الثلاث أحزاباً ونقابات وقوات نظامية تمثل خطوة جبارة على هذا الطريق الذي يبدأ بالمعارك اليومية الباسلة ضد السلطة ويتصاعد ويتسع حتى يتوّج بالمواجهة الشاملة والنصر النهائي.
أولا:- برنامج للنضال اليومي المباشر:
إننا في التجمع الوطني الديمقراطي نطرح القضايا التالية باعتبارها برنامجاً للنضال تشترك فيه كل القوى الشعبية من مواقعها المختلفة.
1. العمل على بناء الأمة وذلك بالسعي من أجل تحقيق الوحدة الوطنية والسلام مع محاربة الاتجاهات النازعة إلى إصباغ الطابع الديني والعرقي على الحرب الدائرة اليوم في السودان.
2. مقاومة إجراءات السلطة من اعتقال وسجن وتشريد والعمل على إطلاق سراح المعتقلين والسجناء وإرجاع المشردين.
3. مقاومة تنظيمات السلطة، وتنظيم الجماهير لانتزاع حقوقها في التنظيم والاحتجاج والتظاهر والإضراب.
4. قيادة الجماهير في الريف والحضر في معاركها من أجل الخبز والعلاج والتعليم والمواصلات، ولتوفير أساسيات الحياة .
5. إحكام طوق العزلة حول السلطة الدكتاتورية، داخلياً وخارجيا، والاستفادة من كل وسائل الإعلام المتاحة في أداء هذه المهمة.
6. تصعيد النضال الشعبي السياسي والمسلح، خطوة إثر خطوة، لهزيمة السلطة والإطاحة بها عن طريق الإضراب السياسي والعصيان المدني والانتفاضة الشعبية التي توفر لها كل وسائل الحماية.
ثانيا: الفترة الانتقالية :
بعد أن ينعقد لها لواء النصر، تقيم قوى التجمع الوطني الديمقراطي الموقعة على هذا الميثاق حكماً انتقالياً لأمد لا يتجاوز الخمسة أعوام يرسى الأسس المتينة لسودان ديمقراطي موحد، ويتصدى بالحلول الناجعة لمشاكل الوطن المزمنة ويعمل على ازدهار الحياة وسعادة الشعب وينفذ المهام المنصوص عليها في هذا الميثاق.
ثالثاً: مهام المرحلة الانتقالية :
1. إلغاء كافة "المراسيم الدستورية" الصادرة عن السلطة العسكرية منذ الثلاثين من يونيو 1989، وإقرار وثيقة دستورية تحدد هياكل الحكم الديمقراطي خلال فترة الانتقال تأسيساً على هذا الميثاق، وتؤكد على المبادئ الأساسية التالية :
أ- كفالة الحريات الأساسية، الطبيعية والمدنية، المتمثلة في حق الحياة وحرية التنظيم والفكر والعقيدة والتعبير والنشر والتنقل وضمان حقوق الإنسان المنصوص عيها في المواثيق الدولية.
ب- استقلال القضاء وسيادة حكم القانون والفصل بين السلطات.
ج- استقلال مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي.
د- استقلال الحركة النقابية وبقاؤها موحدة.
هـ- قومية القوات المسلحة والشرطة والقوات النظامية الأخرى وإصدار القوانين التي تضمن هذا، على أن تراعى هذه القوانين وأية ترتيبات يتفق عليها وجود صيغة مرنة للتعامل مع حقيقة وجود جيشين مسلحين في الفترة الانتقالية، باعتبار أن الحل النهائي لقضية دمج هذين الجيشين سيتم في إطار هيكلة السلطة ومؤسساتها، بما في ذلك القوات المسلحة، وفق ما يقرره المؤتمر الدستوري.
و - قومية أجهزة الإعلام المسموع والمرئي بما يعكس التنوع الثقافي والطبيعة التعددية السياسية والدينية للمجتمع السوداني.
ز - انتهاج سياسة خارجية تؤكد السيادة وتخدم المصالح الوطنية وتقوم على رعاية المصالح المشتركة وحسن الجوار وعدم الانحياز ورفض المحاور واحترام المواثيق الدولية والمشاركة الفعالة في المنظمات الإقليمية والدولية ومناصرة قضايا التحرر ومناهضة الهيمنة والتفرقة العنصرية.
2. إلغاء كافة القوانين والقرارات السياسية والإدارية الصادرة عن السلطة الديكتاتورية منذ الثلاثين من يونيو، وفق الموجهات التالية:
أ- إلغاء كافة القوانين المقيدة للحريات وخاصة قوانين سبتمبر 1983 وقوانين مارس 1991، واعتماد قوانين 1974 فيما عدا قانون العقوبات ويستعاض عنه بالقانون الذي أعدته نقابة المحامين عام 1987.
ب- إلغاء كافة الاتفاقات التي تمس السيادة الوطنية.
ج- إعلان شرعية الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات الجماهيرية.
د- السماح بإصدار الصحف بعد أخذ موافقة السلطة المختصة.
هـ- إطلاق سراح جميع المعتقلين والسجناء السياسيين والنقابيين والنظاميين.
و - إعادة المفصولين سياسياً وتعسفياً، منذ 30 يونيو 1989، من القوات المسلحة والنظامية ومن الخدمة العامة والهيئة القضائية، مع إعادة النظر في أمر المفصولين سياسياً وتعسفياً قبل هذا التاريخ، وإعادة تشكيل جميع مجالس الإدارات للمؤسسات والشركات العامة على ضوء مراجعة شاملة تخدم المصلحة الوطنية.
ز- محاسبة ومحاكمة كل من تسبب أو شارك في تقويض النظام الديمقراطي القائم حتى 29 يونيو 1989 أو عمل على تمكين واستمرار النظام العسكري، وذلك أمام القضاء المستقل.
ح - محاسبة ومحاكمة المسئولين عن الفساد بعد 6 أبريل 1985 ومتابعة البت في قضايا الفساد في العهد المايوى وخاصة قضايا الفساد المصرفي، وذلك أمام القضاء المستقل.
ط- نزع السلاح من المليشيات وتسوية الأوضاع العسكرية بما يجعل القوات النظامية هي الجهة الوحيدة الحاملة للسلاح والمدافعة عن الوطن.
3. عقد المؤتمر الدستوري لتحقيق السلام الدائم والعادل وبسط الأمن في كل ربوع الوطن وترسيخ قواعد الوحدة الوطنية، وإقامة السودان الديمقراطي الموحد، وذلك بحسم قضايا الهوية والتنمية والتطوّر واقتسام السلطة والثروة، وبتحديد العلاقة بين الدين والسياسة وفق مقررات اسمرا.
4. صياغة الدستور الدائم على هدى قرارات المؤتمر الدستوري، على أن ينعقد المؤتمر في أمد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ قيام الحكومة الانتقالية وعلى أن ينجز المؤتمر أعماله في فترة لا تتعدى ستة أشهر من بدء انعقاده.
5. تنفيذ برنامج للإصلاح الاقتصادي:
ينطلق من تحليل الواقع السوداني خاصة في الريف الذي ظل كمّاً مهملاً طوال العهود الماضية وأرهقته الحروب والمجاعات. ولتحقيق هذا الهدف نرى أن تتجه السلطة الانتقالية إلى تنفيذ التالي:-
أ- إيقاف التدهور الاقتصادي وإعادة تأهيل البنيات الأساسية والمشاريع والمؤسسات القائمة، وزيادة الإنتاج، وترشيد عمليات الإغاثة، واتباع سياسية تقشفية صارمة، وتفجير طاقات الجماهير.
ب- التركيز على برنامج إسعافي لإنقاذ الحياة في الريف والحضر بما في ذلك فك الضائقة المعيشية وتلبية الاحتياجات الأساسية المتمثلة في الغذاء والصحة والسكن والمواصلات والعمل، والالتزام بمحو الأمية خلال فترة محدّدة مع إلزامية التعليم الابتدائي.
ج- إصلاح النظام المالي والمصرفي وضمان استقلالية البنك المركزي وهيمنته على السياسات المصرفية، واجتثاث النشاط الطفيلي والسوق الأسود، خاصة في البنوك والتجارة الخارجية، واجتثاث التهرب الضريبي والمضاربات العقارية.
د- وضع خطط قومية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تهتم بالاستغلال الأمثل للموارد المادية والبشرية وترتكز على التنمية الريفية مع اعتبار خاص لدور المرأة.
هـ- إعادة تعمير المناطق التي تأثرت مباشرة بالحرب مع التركيز على البنيات الأساسية فيها.
6. دعم القوات المسلحة والشرطة والقوات النظامية الأخرى ورفع كفاءتها لتضطلع بكل مهامها القومية.
7. إعادة تأهيل المؤسسات التعليمية والصحية والعلاجية القائمة مع استنفار الجهود الدولية والعون الذاتي للقضاء على الجهل والأمراض المستوطنة والأوبئة. كما يجب أن تركز الجهود بصفة خاصة على تنشيط برامج الصحة الوقائية مع اهتمام خاص بالنساء والأطفال.
8. إصلاح ورفع كفاءة الخدمة العامة بإعادة تأهيلها بشرياً ونظماً وتوجيه الفائض البشرى نحو الأداء المنتج مع مراجعة وتطوير أداء الهيئات العامة والشركات العامة للاضطلاع بمهامها على الوجه الأمثل.
9. اهتداءً بتقييم نقدي شامل لتجاربنا الديمقراطية منذ الاستقلال وللسياسات والممارسات التي واكبتها، يتم الاتفاق على تنفيذ جملة من الإصلاحات السياسية والاجتماعية والقانونية تهدف إلى توطيد الديمقراطية ووضع الضمانات اللازمة لحمايتها وإبعاد تلك القوى التي ضربتها من الداخل ووضع الضوابط المهنية والسياسية والقانونية التي تحكم ممارسة العمل السياسي والصحفي والنقابي، ومثال ذلك تحريم النشاط السياسي على أي تنظيمات تقوم على أساس عرقي أو ديني ووضع مواثيق شرف للعمل الصحفي والنقابي والاتفاق على مواصفات معنية لابد من توافرها في الذين سيتقلدون السلطة في الفترة الانتقالية.
10. إصدار قانون انتخابات ديمقراطي يراعى التوازن بين المدينة والريف وكما يراعى تمثيل العاملين والمنتجين والمرأة تجرى على أساسه الانتخابات العامة في نهاية الفترة الانتقالية.
4- شكل الحكم :
يكون شكل الحكم في الفترة الانتقالية على النحو التالي:-
أ. مجلس للسيادة تقتصر صلاحياته على أعمال السيادة ويتكون من ثلاثة يمثلون القوات المسلحة والنقابات والأحزاب السياسية وتكون رئاسته دورية.
ب. مجلس وطني يضلع بمهام التشريع والسياسة العامة، ويتكون من ممثلين للتجمع الوطني الديمقراطي بأضلاعه الثلاثة ويراعى تمثيل الحركة الشعبية والجيش الشعبي ويقوم باختيار مجلس السيادة والوزراء.
جـ- مجلس للوزراء يقوم بأعباء السلطة التنفيذية.
د- تقوم في الأقاليم مجالس إقليمية وأخرى تنفيذية على أن تراعى ظروف السودان السياسية والاقتصادية عند تكوينها.
هـ- يتفق التجمع مسبقاً على الأسس الموضوعية التي تحدد ما هو الحزب السياسي الذي يحق له المشاركة السياسية.
إننا نحن أهل السودان، عزمنا على تنفيذ هذا الميثاق نصاً وروحاً، وعلى الالتزام بالجدية، مصممين على تأسيس الديمقراطية وتحقيق السلام، ووحدة الوطن وتقدمه، مؤكدين التزامنا بأن نقدم لتولى المسئولية العناصر التي عرفت باستعدادها للتضحية والبذل ونكران الذات، ممن لم تحم حولهم شبهة الفساد أو التكالب على المصالح الشخصية.
عاش نضال الشعب السوداني العظيم. عاشت الديمقراطية. وإننا لمنتصـرون .
(13-ج) قرار الدين والسياسة في السودان[3]
- اعترافا بأن العلاقة بين الدين والسياسة تؤثر مباشرة على عملية بناء الأمة السودانية.
- وإدراكا لحقيقة التعدد الديني والثقافي والقومي في السودان.
- واعترافا بدور الأديان السماوية وكريم المعتقدات كمصادر للقيم الروحية والأخلاقية التي تؤسس التسامح والاخوة والتعايش السلمي والعدل.
- وإدراكا لفظاعة انتهاكات نظام الجبهة الإسلامية لحقوق الإنسان والإبادة الجماعية والتطهير العرقي باستغلالها للدين وباسم الجهاد زورا.
- وتصميما لإقامة سلام عادل ودائم ووحدة وطنية مؤسسة على العدل والإرادة الحرة لشعب السودان.
-والتزاما بمبدأ عدم استغلال الدين في السياسة يقر التجمع الوطني الديمقراطي التدابير الدستورية الآتية:
1. كل المبادئ والمعايير المعنية بحقوق الإنسان والمضمنة في المواثيق والعهود الإقليمية والدولية لحقوق الإنسان تشكل جزءا لا يتجزأ من دستور السودان وأي قانون أو مرسوم أو قرار أو إجراء مخالف لذلك يعتبر باطلا وغير دستوري.
2. يكفل القانون المساواة الكاملة بين المواطنين تأسيسا على حق المواطنة واحترام المعتقدات والتقاليد وعدم التمييز بين المواطنين بسبب الدين أو العرق أو الجنس أو الثقافة ويبطل أي قانون يصدر مخالفا لذلك ويعتبر غير دستوري.
3. لا يجوز لأي حزب سياسي أن يؤسس على أساس ديني.
4. تعترف الدولة وتحترم تعدد الأديان وكريم المعتقدات وتلزم نفسها بالعمل على تحقيق التعايش والتفاعل السلمي والمساواة والتسامح بين الأديان وكريم المعتقدات وتسمح بحرية الدعوة السليمة للأديان وتمنع الإكراه أو أي فعل أو إجراء يحرض على إثارة النعرات الدينية أو الكراهية العنصرية في أي مكان أو منبر أو موقع في السودان.
5. يلتزم التجمع الوطني الديمقراطي بصيانة كرامة المرأة السودانية ويؤكد على دورها في الحركة الوطنية السودانية، ويعترف لها بكل الحقوق والواجبات المضمنة في المواثيق والعهود الدولية بما لا يتعارض مع الأديان.
6. تؤسس البرامج الإعلامية والتعليمية والثقافيـة القـومية على الالتزام بمواثيق وعهود حقوق الإنسان الإقليمية والدولية.
(13-د) قـرار حـول قضيـة تقـريـر المصيـر[4]
ديباجة :
- التزاما راسخا بإنهاء عاجل للنزاع المسلح الراهن عبر تسوية عادلة ودائمة.
- وإدراكا تامـا بأن تحقيق تلك التسوية العادلة والدائمة يتطلـب أن تتحلى قياداته بالشجاعة السياسية والحنكة وبعد النظر.
- وإقرارا بان خياره المفضل هو الوحدة المؤسسة على التنوع والاعتراف بان السودان بلد متعدد الأعراف والديانات والثقافات واللغات وان تلك الوحدة ستقوم على حق المواطنة وعلى المساواة في الحقوق والواجبات وفق المعايير المضمنة في المواثيق العالمية حول حقوق الإنسان.
- وإدراكا كامـلا بان وحدة السودان الدائمة لا يمكن أن تستند على القوة والقهر وإنما على العدل والقبول الحر من جانب كل المجموعات في السودان.
- ووعيا تاما بوجود قضايا ومشاكل أخرى تتعلق بحاجات القبائل وتداخلها في مناطق التماس، تلك القضايا التي ستتم معالجتها والبت فيها في المؤتمر القومي الدستوري.
- وأخذا في الاعتبار أن تسـوية النزاع السوداني تتطلب اقترابا متفـهما من قضيـة تحقيق السلام والعدل لكافة أهل السودان المهمشين وبناء السودان الجديد، يقرر التجمع الوطني الديمقراطي:
أولا: إن حق تقريـر المصير حق إنساني ديمقراطي أساسي للشعوب يحـق لأي شعب ممارسته في أي وقت.
ثانيا: الاعتراف بان ممارسة حق تقرير المصير توفر حلا لقضية إنهاء الحـرب الأهلية الدائرة وتيسر استعادة الديمقراطية في السودان وتعزيزها.
ثالثا: إن المناطق المتأثرة بالحرب هي جنوب السودان ومنطقة ابيي وجبال النوبة وجبال الانقسنا.
رابعا: إن شعب جنوب السـودان (بحدوده القائمـة في أول يناير 1956م) سيمارس حقه في تقرير المصير قبل انتهاء الفترة الانتقالية.
خامسا: إن التعـرف على آراء أهل منطقة ابيي فيما يتعـلق برغبـاتهم إما بالبقـاء، داخل الحدود الإدارية لإقليم جنوب كردفان وإما بالانضمام إلى إقليم بحـر الغزال سيتم عبر استفتاء ينظم خلال الفترة الانتقالية ولكن قبل ممارسة الجنوب لحق تقريـر المصير. وإذا ما أظهرت نتيجة الاستفتاء رغبة أكثرية أهل هذه المنطقة في الانضمـام إلى إقليم بحر الغزال فانهم سيمارسون حق تقرير المصير كجزء من شعب جنوب السودان.
سادسا: انه فيمـا يتعـلق بجبال النوبة والانقسنا فإن الحكومة الانتقالية ستسعى للتوصل إلى حل سياسي لتصحيح الظلامات التي عانى منها أهل تلك المناطق، وستنظم استفتاء لمعرفة آرائهم حول مستقبلهم السياسي والإداري خلال الفترة الانتقالية.
سابعا: الالتزام بالسلام العادل والديمقراطية والوحدة القائمة على الإرادة الحرة لشعب السودان وبحل النزاع الراهن بالوسائل السلمية عبر تسوية عادلة ودائمة. ولتحقيق هذه الغاية فان التجمع الوطني الديمقراطي يدعم إعلان المبادئ الصادر عن مجموعة الإيقاد كأساس عملي للتسوية العادلة والدائمة.
ثامنا: إن السلام الحقيقي في السـودان لا يمكن تحقيقه في إطار حل مشكلة الجنـوب، وإنما انطلاقا من أن مشاكلنا ذات جذور وطنية .
تاسعا: إن مشاكلنا الوطنية لا يمكن حلها إلا عبر حوار واضح وجاد ومتواصل بين كل التكوينات القومية السودانية.
عاشرا: إن طبيعة وتاريخ النزاع السوداني قد برهنا على أن السلام والاستقرار الدائمين لبلادنا لا يمكن تحقيقهما بواسطة حل عسكري.
2- تتخذ قوى التجمع الوطني الديمقراطي موقفا موحداً إزاء الخيارات التي ستطرح للاستفتاء في الجنوب، وهذه الخيارات هي:
أ) الوحدة ( بما في ذلك الكنفدريشن والفدريشن ) و ب) الاستقلال .
3- يضمـن التجمع الوطني الديمقـراطي أن تخطط السـلطة المركزية، خلال الفترة الانتقالية، وتضع موضع التنفيذ التدابير اللازمة لبناء الثقة وإعادة بناء هيـاكل الدولة على النحو المطلوب والمؤسسات الاجتماعيـة والاقتصادية ومناهج الأداء بحيث تقـود ممارسة حق تقرير المصير إلى دعم الخيار الوحدوي .
4- يعترف التجمع الوطني الديمقراطي بأن ممارسة حق تقرير المصير، بجانب كونه حقا ديمقراطيا وإنسانيا أصيلا للشعب، فإنه أيضا أداة لوضع نهاية فورية للحرب الأهلية ولإتاحة فرصة فريدة وتاريخية لبناء سودان جديد قائم على العدالة والديمقراطية والاختيـار الحر.
 إن التجمع الوطني الديمقراطي يعقد العزم على قيادة الشعب السوداني لمواجهة مظفـرة مع هذا التحدي التاريخي.
(14) موقفنا من الخيارات الوطنية[5]
          بفكروية منكفئة ومتعصبة وقهرية ساست "الإنقاذ" البلاد منذ انقلاب 30 يونيو 89، فأدى ذلك على الصعيد الداخلي إلى تمديد الحرب الأهلية أفقيا لتشمل مناطق في شرق البلاد وغربها وإلى تعميق الحرب فاكتسبت عناصر فتنة دينية وعرقية حادة. وبفكروية منكفئة ومتعصبة وقهرية ساست "الإنقاذ" البلاد فخربت الاقتصاد الوطني مما أدى لوقف التنمية وتدهور الإنتاج وزيادة العجز الداخلي والخارجي في ميزانية البلاد.. عجز زاد رغم أن النظام فرض ثنوية ضرائبية وسعت شبكة الضرائب الوضعية، وحولت الزكاة إلى نظام ضريبي آخر ليس فيه من الزكاة إلا اسمها. حصيلة هذه الضرائب الجائرة لم تصرف على الاستثمار أو الإنتاج أو الخدمات الاجتماعية، فقد قوض النظام دولة التكافل الإجتماعي في السودان التي كانت تدعم السلع الاستهلاكية والخدمات الاجتماعية، بل وجهت مصارف الدولة نحو صرف سياسي وإداري وعسكري وأمني كله مركز على حماية النظام لنفسه وقمع الرأي الآخر.
          سياسات النظام الخارجية التزمت بشعارات إسلاموية متعصبة مما فتح أبواب السودان لكل موهوم، ومتوتر، ومتشدد، وغاضب على نظام الحكم في بلاده فقامت في البلاد ضجة طويلة اللسان تهدد الجيران وما دونهم وتعصف بعلاقات البلاد الإقليمية والدولية. ومهما كان حظ تلك الأنشطة من الفاعلية فقد ضخم أصداءها إعلام النظام الطعّان اللعّان.. لذلك تحركت ضد سودان "الإنقاذ" قوى إقليمية ودولية لا ترى لنفسها استقرارا إلا في زواله.. هذا التحرك الذي كان سياسيا ودبلوماسيا وإعلاميا في بدايته أصبح الآن عسكريا. لقد أدت سياسات نظام "الإنقاذ" الداخلية والخارجية إلى استقطاب حاد أدواته للحسم هي أدوات المواجهة الشاملة السياسية والاقتصادية والعسكرية.. هذه المواجهة ماضية إلى سبيلها يدعمها استمرار نظام "الإنقاذ" في فكرويته المتعصبة المنكفئة واقتناع الأطراف الأخرى السودانية وغير السودانية أن النظام السوداني لا يفهم إلا لغة العنف.
          إن لشعب السودان تطلعٌ لإيقاف الحرب الأهلية بسلام عادل وتطلعٌ للقضاء على الدكتاتورية وإقامة نظام ديمقراطي.. هذا التطلع السلامي الديمقراطي لم يفلح نظام "الإنقاذ" عبر أعوامه السبع في إخماده أو في إعطاء الشعب بديلا مقنعا له. بل أخفقت محاولات "الإنقاذ" في حسم الحرب الأهلية عسكريا وأخفقت محاولات النظام في إقامة الشرعية على أسس غير ديمقراطية.
          الضغط الخارجي، واحتمالات التحرك الداخلي، وانكشاف إخفاقات النظام، وتزايد اختلافات "الإنقاذيين" الداخلية، أدت إلى الحديث عن مخرج متفاوض عليه للبلاد... هذا ممكن بوسيلتين هما:
الوسيلة الأولى: المؤتمر القومي الدستوري:  هنالك أمور لا خلاف عليها هي:
*المحافظة على استقلال السودان والسيادة الوطنية.
* السودان تعددي الثقافة والانتماء الديني والعرقي، تعددية توجب إيجاد وسائل للتعامل معها في ظل وحدة البلاد والنأي بها من الاقتتال.
* إن للمواطن السوداني حقوقا إنسانية ودينية ومن حق المجموعات الوطنية الدينية الإلتزام بعقائدها الدينية والاهتداء بمبادئها وأحكامها مع مراعاة ألا يتعدى ذلك على حقوق الآخرين.
* أكثرية المسلمين في السودان ملتزمة بالنهج الإسلامي وتجنبا للفتنة الدينية فإن هذا يقتضي إيجاد وسيلة شورية للتعايش بين الاجتهادات الإسلامية المختلفة والتزام الأغلبية المسلمة باحترام حقوق الآخرين.
          هنالك الآن اختلاف أساسي حول كيفية حكم البلاد وكيفية تحقيق السلام العادل. لا سبيل لأي تفاوض مع النظام إلا إذا هو أعلن التزامه بالتوجه الديمقراطي في حكم البلاد وتطلعه للسلام العادل وقبوله المؤتمر القومي الدستوري آلية لذلك التفاوض وأتاح الحرية الفكرية والسياسية للمواطنين لتحديد موقف موحد من هذا الرأي.
الوسيلة الثانية: هي الاحتكام للشعب السوداني عبر انتخابات حرة تكون بمثابة استفتاء بين "الإنقاذ" والديمقراطية.
وهو الشيء الذي يقودنا للحديث عن المرسوم الدستوري 13:
هذا المرسوم يعبر عن أزمة النظام المستحكمة وعن تناقض النظام الفكري والسياسي بين الإسلاموية، واللبرالية والجماهيرية: فهو نص يفتح باب الترشيح لرئاسة الجمهورية دون نصِّ على دين أو جنس المترشح ويوجب عليه أداء البيعة! وينص على قومية القوات المسلحة ويوجب عليها واجبات إسلامية لا تلزم غير المسلمين ! ويتبع المرسوم النظم الجماهيرية في محاولة تجنب حرية التنظيم، ولكنه يناقضها في الاعتماد على التمثيل عبر انتخابات!.. ولكن أهم المآخذ على المرسوم الدستوري الثالث عشر هي:
أولا: النص على حماية حقوق الإنسان الدستورية وهي لا وجود لها، أي إغفال حقوق الإنسان.
ثانيا: النص على استقلال القاضي في إصدار أحكامه دون كفالة استقلال القضاء بل هو تابع إداريا لرئيس الجمهورية.
ثالثا: هذا المرسوم والباقي من مراسيم "الإنقاذ" السابقة تشكل مصدرا للدستور القادم مما يشكل إلزاما ببرامج "الإنقاذ" الفكرية والسياسية والتشريعية مهما كانت نتيجة الانتخابات.
رابعا: 125 عضوا من أعضاء المجلس الوطني ينالون العضوية بإجراءات هي التعيين غير المباشر.
خامسا:المؤتمر الوطني هو تنظيم السلطة السياسي خليفة الاتحاد الاشتراكي المباد شكلا وموضوعا.
سادسا: الإجراءات الانتخابية سوف تجري في ظل أحكام الطوارئ واستمرار أحكام المرسوم الدستوري رقم 2 المؤسس للحكم القهري في البلاد.
إن المضي في تطورات دستورية من داخل جماعة "الإنقاذ" وحدها تكريس للاستقطاب والمواجهة في البلاد ولا سبيل لحل أزمة الحكم في البلاد بتغييب الرأي الآخر. لا قيمة لنظام لا يقوم على شرعية، ولا سبيل لشرعية غير ديمقراطية.إن الأمر الدستوري 13 يمثل تطورا في برامج نظام "الإنقاذ" الدستورية والقانونية، ولكنه تطور متخلف عن تراث البلاد الدستوري ولا يرقى لحل أزمة الشرعية في البلاد. إنه بصورته الحالية مجرد طلاء تجميلي لنظام "الإنقاذ" القمعي.
إن زمام المبادرة بشأن المقاومة المسلحة في يد التحالف الخارجي. وزمام المبادرة بشأن الحلول المتفاوض عليها في يد النظام. وزمام المبادرة للتغيير في يد القوى السياسية الداخلية...والديمقراطية عائدة وراجحة.
(15) مذكرة تجمع الداخل يونيو 1996م[6]
الفريق/ عمر حسن أحمد البشير-  رئيس الجمهورية
تحية طيبة.. وبعد
إن السودان وطننا أرض التسامح والتعايش أصبح نهبا لثقافة العنف وصار المواطن إما قاتل أو مقتول، وتعددت جبهات القتال وصار الاقتتال يغذي التردي الاقتصادي ويتغذى به مما خلق مأساة إنسانية لم يعرف التاريخ لها مثيلا. في هذه الظروف فإن أي تغيير يأتي بالعنف بإجراء داخلي أو تدبير خارجي على نحو ما يتردد في الأوساط الدولية سوف يدمر الوطن نهائيا.
الوطن في وجه النذر الداخلية والخارجية يواجه أن يكون أو لا يكون، لقد أسعفت السودانيين في الماضي السماحة الإيمانية والخبرة الظنية والحكمة الإنسانية فأنقذوا وطنهم من حافة الهاوية لدى الاختلاف الحاد حول المصير في 1956م، ولدى المواجهة الحادة بين الشعب والمجلس الأعلى للقوات المسلحة في 1964م. والمفاصلة بين حكم الفرد والانتفاضة الشعبية في 1985م، فانتهت المواجهات إلى حل سياسي حقن الدماء وحقق تطلعات الشعب المشروعة وتجنب الحلول الاستئصالية.
إننا بكل مقدسات الدين وبكل حرمات الوطن.. بكرامة الإنسان نناشدك أنت وزملائك أن تحزموا الأمر وتوجهوا الدعوة إلى كافة القوى السياسية السودانية بالداخل والخارج إلى مائدة مستديرة للاتفاق على برنامج لتنفيذ مشروع الخلاص الوطني المكون من النقاط الخمس الآتية:
أولا : اتفاقية سلام عادل أركانها: المواطنة أساس الحقوق الدستورية واحترام حرية الأديان والتعايش السلمي بين الثقافات الوطنية والاقتسام العادل للثروة الوطنية وتحقيق الوحدة الوطنية على أساس طوعي عبر استفتاء حر يجدد الثقة بين المجموعات الوطنية.
ثانيا : كفالة حقوق الإنسان وحريته الأساسية وتحقيق تحول ديمقراطي يقيم نظاما ديمقراطيا مبرأ من عثرات الماضي عبر انتخابات عامة مراقبة دوليا.
ثالثا: التزام سياسة دولية تحقق حسن الجوار الإيجابي في إقليمها المجاور وتحقق تفعيل دور السودان الإيجابي في المؤسسات الإقليمية التي ينتمي إليها. وتحقق دعم السودان للشرعية الدولية وتمكنه من التعاون مع الآخرين لتطويرها في اتجاه أعدل وأفضل.
رابعا: إقامة آلية قومية حقانية للتصدي لكافة المخالفات التي ارتكبت في حق الشعب السوداني منذ الاستقلال، ولرفع المظالم ولتنظيف الحياة العامة.
خامسا: تكوين حكومة انتقالية مهامها إزالة التشويهات التي علقت بمؤسسات الدولة، وتنظيم الاستفتاء الحر وإجراء الانتخابات العامة برقابة دولية.
هذا هو مطلب الشعب المشروع وهو طوق النجاة من تدابير تحاك للوطن لا تزيد حاله إلا خبالا وضياعا.
إننا نحن الموقعين بهذا الطلب الساعين لحل المسائل السياسية.

 

[1]  عقد مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا في يونيو 1995م- صدر البيان الختامي في يوم الجمعة 23 يونيو 1995م، وقع على البيان الفصائل التالية: الحزب الاتحادي الديمقراطي- حزب الأمة- الحركة الشعبية / والجيش الشعبي لتحرير السودان- تجمع الأحزاب الأفريقية السودانية- الحزب الشيوعي- القيادة الشرعية- النقابات- مؤتمر البجة- قوات التحالف السودانية- الشخصيات الوطنية.
[2] أول ميثاق للتجمع كتبه قيادات الأحزاب المعارضة من داخل سجن كوبر العمومي في 21 أكتوبر 1989م،  وفي فبراير 1990م أجرى تجمع الخارج تعديلا على الميثاق دخلت إثره الحركة الشعبية للتجمع الوطني الديمقراطي. ثم قام مؤتمر أسمرا بصياغة  الميثاق الجديد للتجمع. لاحقا وفي 1997م أطلق حزب الأمة نداءاته بإصلاح  التجمع، ثم قدم مشروعه لإصلاح  التجمع  في 1998م وورقة بعنوان "نحو ميثاق وطني جديد" تنادي بضرورة مراجعة هذا الميثاق واستبداله (أنظر الوثيقة رقم 23 )
[3] وقع على هذه الوثيقة كل الفصائل التي وقعت على البيان الختامي، راجع الوثيقة (12-أ)
[4]  وقع على هذه الوثيقة كل الفصائل التي وقعت  على البيان الختامي لمؤتمر القضايا المصيرية- راجع الوثيقة (12-أ)
[5]  وزع الحزب هذه الورقة في فبراير 1996م كتعليق على المرسوم الدستوري الثالث عشر. وقد  ترجم التعليق على الدستور إلى الإنجليزية أيضا.
[6]  قدمت هذه المذكرة لرئيس الجمهورية في يونيو 1996م وقد وقع عليها: 1- صلاح عبد السلام (حزب الأمة) 2- مضوي محمد أحمد (الاتحادي الديمقراطي)- 3- فاروق زكريا (الحزب الشيوعي.) 4- إزيكيا (يوساب) 5-سارة نقد الله (التجمع النسائي)- 6- أبيل ألير (شخصية قومية) –7- محمد الحافظ (المحامين)- 8- محمد الحسن نورين (المهنيون).
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق