الخميس، 31 يوليو 2014

قاوم الظروف..وقهر المستحيل... عبد الباسط...قصة نجاح تشهد عليها (المسرجة).!

نقلا من جريدة السوداني 
قاوم الظروف..وقهر المستحيل...
عبد الباسط...قصة نجاح تشهد عليها (المسرجة).!
الخرطوم: محمود مدني
رغم حداثة سنه كان شارد الذهن يفكر فيما هو قادم بعد أن تبدلت حياة أسرته التي تعيش في قريته الوادعة (شكشكو) الواقعة بولاية شمال دارفور محلية طويلة، قطعت عليه والدته شروده ونادته: (يا عبد الباسط يا عبد الباسط أمشي جيب المويه)، سبب شرود عبدالباسط هو الوضع الذي آلت اليه حال أسرته بعد صار معسكر (أبو شوك) سكنهم الجديد الذي فرضته عليهم ظروف الحرب التي اندلعت في دارفور عام 2003م، ولعل ذلك كان دافعاًً ليجعله بين خيارين، إما أن يستسلم لليأس أو ينتهج مسلكاًً آخراً يزيل عنهم تلك المعاناة.
قصة كفاح:
عبد الباسط يحكي لـ(السوداني) ويقول إن
الفصل الدراسي داخل معسكر أبوشوك به 200 طالب ويفترشون الأرض واليوم الدراسي كله ساعتان فقط من الساعة (3- 5 مساء)، وأهل دارفور لديهم رغبة قوية في التعليم، فهم دومًاً يحثون أبناءهم لمواصلة التعليم وهذا بالضبط ما فعله والدا عبدالباسط، حيث كان لديهما الإصرار لإكماله لتعليمه.
إصرار غريب:
في امتحانات مرحلة الأساس أحرز عبد الباسط 224 درجة من داخل المعسكر وتم قبوله بمدرسة الفاشر النموذجية ولكن رفضها وآثر عليها مدرسة (أبو شوك) وفي هذا يقول: (إن المسافة ما بين خيمة أسرته والمدرسة نصف ساعة سيراً على القدمين)، عندما سألناه عن المرحلة الثانوية، قال :( بعد ما دخلت الثانوية بديت اشتغل مع بعض المنظمات متطوعاً كباحث أجتماعي)، وأشار إلى أنه ومعه عدد من أقرانه يطوفون على الأسر داخل المعسكر ويجمعوا معلومات عن احتياجات أفرادها مثل كم عدد الذين يحتاجون للتعليم والغذاء والعلاج وإلخ..... وبعد ذلك يكتبوا كل هذه المعلومات في تقرير ويسلمونه للمنظمة ونظير هذا العمل تعطيهم نقوداً، وكان عبد الباسط يقوم بهذا العمل بعد الانتهاء من يومه الدراسي.
بين العمل والمسرجة:
بعد أن وصل عبد الباسط إلى الصف الثالث كرس معظم وقته لاستذاكر دروسه بينما انصب عمله مع المنظمات في يومي الجمعة والسبت، وعن جدوله خلال اليوم قال:( من الصباح حتي الساعة الثانية ظهراً أكون في المدرسة وبعد عودتي الخيمة أقوم بأخذ قيلولة حتى الرابعة عصراً وأضاف: (بعد ذلك أقوم بمذاكرة دروسي حتى أذان المغرب وبعد صلاة المغرب تقوم أمي بإيقاد المسرجة -والمسرجة وهي عبارة (عُلبة صغيرة بها جازولين وبها خيط قطني) وبالعامية السودانية لها عدة مسميات (معزورين – وحاجة ونسيني – ولمبة الجاز)- وذلك لكي اتمكن من المذاكرة.
نجاح وتميز:
ظل عبد الباسط على هذا الحال مجتهداً في دروسه وامتحن من معسكر أبوشوك للنازحين وأحرز نسبة بلغت 85%  وحدد وجهته كلية المختبرات الطبية جامعة أمدرمان الإسلامية ولكن حدث خطأ في استمارة التقديم فتم قبوله بجامعة الخرطوم كلية العلوم وتميز فيها فخيرته الجامعة بين البقاء في كليته أو الذهاب لكليات الطب الصيدلة الهندسة ، فإختار الطب تحقيقاًً لرغبة والديه.
اختراعات مذهلة:
عبد الباسط قام باختراع ونال عليه شهادة براءة اختراع من الملكية الفكرية السودانية، وعن اختراعه يقول:(الاختراع يساعد في كشف العطل بطريقة سريعة، وهو جهاز يربط على مفتاح المكيف أو المروحة أو المصباح ويعمل بريموت كنترول وبه شاشة توضح موضع الخلل هل هو في مكيف الهواء أم في الدائرة الكهربائية)، كما قام عبد الباسط بتصميم جهاز من أجل مساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وهذا الجهاز بحجم الريموت ويعمل كهرومغناطيسياً وبه صافرة إنذار تنبه المكفوف إذا كان هناك سيارة أو اي شيء قد يشكل له ضرراً ،وكذلك نال عليه براءة اختراع.
بديل للأنسولين:
اكتشافات واختراعات عبد الباسط لم تتوقف عند هذا الحد بل تواصلت ليقوم بابتكار علاج بديل للأنسولين بمساعدة أحد أساتذته في الجامعة وعن هذا الاختراع ومميزاته يقول:(هذا الدواء غير مؤلم وفعَّال في المعالجة)، وأضاف: (منظمة الصحة العالمية  قالت لي إنه سيتم عمل تجربة لهذا العقار لمدة عشر سنوات وبعد ذلك يمكن أن تتبناه إحدى شركات الأدوية)، وأضاف: (قد قمت بملء الاستمارة  التي أرسلتها لي المنظمة وتابع: (الآن العقار محمي دولياً بواسطة منظمة الصحة العالمية ،ويفترض علي دفع رسوم العلامة التجارية حتى يتم تسويقه دولياً).
رسالة مؤثرة:
عبد الباسط يقول إن نجاحه جاء لأنه لا يعرف الاستسلام، ولأنه موقن تماماً أنه لا مستحيل تحت الشمس، ويختتم حديثه برسالة عبر (السوداني) يقول فيها: (يجب على الدولة أن تهتم بالموهوبين لأن السودان به عدد كبير منهم ، وعلى أي إنسان ألا يُقيم الإنسان بشيءٍ إلا بإنسانيته، فالمجنون والعاقل والغني والفقراء كلهم سواء والرابط الوحيد بينهم هو الإنسانية).!



هناك تعليق واحد: